عزز العدوان على غزة محاولات الاحتلال لحسم تهويد المسجد الأقصى، وتحقيق أكبر قدر ممكن من مخططات تحقيق السيطرة والوجود اليهودي في المسجد، لفرضها كحقائق ثابتة في المرحلة التي تلي العدوان.
وتوزعت هذه المحاولات في الأشهر المنصرمة ما بين إحكام القبضة الأمنية على الأقصى، وبناء مراكز تهويدية جديدة، وحفريات، ومخططات لتعزيز الرواية التوراتية حول "الهيكل".
ومؤخرًا، دعت منظمة "عائدون إلى جبل الهيكل – بيدينو" إلى مؤتمرها السنوي لتسريع بناء "الهيكل" الذي سيعقد في 2024/12/4، تحت عنوان "طريق النصر بأيدينا.. ما حققناه وإلى أين نحن ذاهبون حتى النصر"، علمًا أنّ "جماعات الهيكل" عملت في الأشهر المنصرمة على الربط بين العدوان على غزة من جهة وبين اقتحامات الأقصى وبناء "الهيكل" من جهة أخرى.
إحكام القبضة الأمنية على المسجد
يقول الباحث في الشأن المقدسي علي إبراهيم، في مقال تتبعه موقع القدس 360، إنّ الاحتلال عمل منذ بداية عدوانه على قطاع غزة، على تقليل أعداد المصلين في الأقصى، وحاول الاستفراد بالمسجد، فقام بجملة من الخطوات التي فرضها بالقوة، أدت إلى تراجع أعداد المصلين في الأشهر التي تلت بداية العدوان، ومن بينها تركيب أقفاص حديدية أمام أبواب الأقصى.
ففي آذار/مارس 2024، أقدمت شرطة الاحتلال على تركيب حواجز وأقفاص حديدية عند ثلاثة من أبواب المسجد الأقصى هي: باب الحديد، وباب الغوانمة، وباب الملك فيصل، في خطوة تهدف إلى تثبيت حواجز دائمة للشرطة الإسرائيلية عند أبواب الأقصى، وتحويل هذه الحواجز وما يرافقها من إجراءات تفتيش وتنكيل وقمع ومنع من دخول الأقصى إلى إجراءات ثابتة.
ويبيّن إبراهيم أنّ من أبرز المشاريع الجديدة المتعلقة بفرض المراقبة على الأقصى ومحيطه، تركيب سلطات الاحتلال أدوات تنصّت جديدة، إذ نصبت شرطة الاحتلال، في شباط/فبراير 2024، برجًا شاهقًا للاتصالات معززًا بكاميرات المراقبة، ومزوَّدًا بمجسّات، وأقامته فوق الرواق الغربي للمسجد الأقصى.
وسبق ذلك أشغال نفذتها فوق المدرسة التنكزية في الرواق الغربي للأقصى التي يسيطر عليها الاحتلال، ضمن شبكة من الاتصالات والكاميرات والمجسات لمراقبة حركة المصلين وتتبُّع حركة الوافدين إلى المسجد بدقّة عالية.
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2024، أعلنت شرطة الاحتلال عن نيتها بناء مركز جديد لها قرب باب الحديد، أحد أبواب المسجد الأقصى، وسيتكون المبنى من 3 طبقات، على أن يقام مكان مخزنٍ في الحي الإسلامي استولى عليه الاحتلال عام 1991، فيما تسعى شرطة الاحتلال إلى نشر مزيد من قواتها وتعزيز وجودها في الأحياء المقدسية.
مراكز تهويدية جديدة قرب الأقصى
في إطار المشاريع التهويدية، بدأت "وزارة التراث" في حكومة الاحتلال، بالتعاون مع وزارات وجمعيات استيطانية عديدة" تنفيذ مشروع تهويدي ضخم في محيط المسجد الأقصى تحت عنوان "إحياء الإرث اليهودي".
وقال تقرير عين على الأقصى الثامن عشر الصادر عن مؤسسة القدس الدولية إنّ المشروع يشمل تغيير أبواب البلدة القديمة وخاصة تلك القريبة من المسجد الأقصى، وطمس المزارات والمعالم التاريخية، وتهويد قلعة القدس عند باب الخليل، وتهويد منطقة باب الخليل، وتهويد بعض المدارس العثمانية، ورفع الأعلام الإسرائيلية، وغير ذلك من المشاريع التهويدية التي تتركز في المنطقة التي يسميها الاحتلال "الحوض المقدس"، وتقع في قلب القدس، ومحيطة بالمسجد الأقصى.
استمرار تهويد ساحة البراق
رصد تقرير عين على الأقصى الثامن عشر استمرار استهداف ساحة البراق والسور الغربي من الأقصى في الأشهر الماضية؛ فقد استمرَّ في الحفريات جنوب جسر باب المغاربة بهدف إقامة مكان لأداء النساء اليهوديات واليهود الإصلاحيين صلواتهم وطقوسهم.
وفي الناحية الغربية من ساحة البراق، شرع الاحتلال في تنفيذ حفريات عميقة وجديدة ضمن مشروع "بيت هليبا" الذي سيتكون من 3 طبقات على الأقل، ومن المتوقع أن يربط الاحتلال بيت مشروع "بيت هليبا" بمشروع "بيت شتراوس" الواقع على بعد أمتار قليلة من حائط البراق.
وفي آذار/مارس 2024، أشارت تقارير إعلامية إلى رصد حفريات تنفذها بلدية الاحتلال في القدس، وسلطة الآثار الإسرائيليّة، وجمعيات استيطانية في حارة الشّرف غرب المسجد الأقصى وتستهدف مباني تاريخية. وبالتزامن مع ذلك، تنفذ آليات إسرائيلية أعمال بناء وتشييد على أنقاض المباني المهدومة، فيما تجري الحفريات بمحاذاة سور الأقصى وبالقرب من مدرسة توراتية وبوابات تؤدي إلى ساحة البراق عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى.
وفي أيلول/سبتمبر 2024، بدأت سلطات الاحتلال العمل على مشروع مصعدٍ كهربائي على بعد 200 متر من حائط البراق، يهدف إلى تسهيل وصول المستوطنين الذين يعانون الإعاقة إلى ساحة البراق، غربي المسجد الأقصى.
وتبلغ تكلفة المشروع 55 مليون شيكل (نحو 15 مليون دولار) وإضافة إلى المصعد يشمل المشروع ممراتٍ تحت الأرض، وشارعًا يضم حوانيت تجارية، وغرفًا، ويصل عمق المصعد إلى 26 مترًا، وسيربط ما بين "الحي اليهودي" الاستيطاني وساحة البراق المحتلّة.