توافق اليوم الذكرى 27 عامًا لهبّة النفق التي اندلعت في 1996/9/25، ردًا على حفر الاحتلال وافتتاحه النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى. وقد شارك في الافتتاح رئيس بلدية الاحتلال في القدس بتكليف من رئيس حكومة الاحتلال حينها بنيامين نتنياهو، في مشهد يؤكد الرعاية السياسية الرسمية للاعتداء على الأقصى. وهذا الدعم أعاد تأكيده اجتماع حكومة الاحتلال في أنفاق الحائط الغربي للأقصى في أيار/مايو 2023 لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
اندلعت المواجهات من الأقصى وامتدت إلى أنحاء فلسطين كافة، وارتقى فيها أكثر من 100 شهيد فلسطيني، فيما أصيب أكثر من 1600 بإصابات مختلفة نتيجة اعتداء قوات الاحتلال عليهم بالرصاص الحي والمطاطي، واستخدم الاحتلال المروحيات والدبابات بالإضافة لاشتراك المستوطنين في إطلاق النار على الفلسطينيين.
على مدى 27 عامًا بعد اندلاع الهبة، صعّد الاحتلال من وتيرة اعتداءاته على الأقصى، واستمرّ في التخطيط لإنشاء مشاريع تهويدية في الأقصى ومحيطه، وعمل على تنفيذها بهدف طمس الهوية الإسلامية للمسجد وإضفاء طابع يهودي يتناسب مع الرواية التلمودية التي يروّج الاحتلال لها حول "المعبد"، ويخدم أهداف السيطرة على الأقصى والقدس عمومًا.
وتجاوزت مواقع الحفريات أسفل الأقصى ومحيطه 50 حفرية، فيما يبقى عدد من المواقع مجهولاً نظرًا إلى أنّ الاحتلال غالبًا ما يحيط هذه الحفريات بالكتمان، وقد يكشف عنها عند اكتمال تنفيذها.
وكان الهدف الأساسي من الحفريات إيجاد آثار تدلّ على وجود "المعبد"، وهو ما فشل الاحتلال في تحقيقه؛ لذلك، فقد عمد إلى محاولة تزوير التاريخ المكان، وافتتحت سلطات الاحتلال في بعض مواقع الحفريات قاعات تبثّ رواية تلمودية حول "المعبد" تتوافق مع مزاعمها وادّعاءاتها.
المشاريع التهويدية التي تستهدف الأقصى
تظهر مراقبة المشاريع التهويدية التي تستهدف الأقصى توزّعها على ثلاثة أطواق أو دوائر، هي المسجد الأقصى بكل مكوناته وملحقاته، ومحيط المسجد الأقصى المحاذي له، والبلدة القديمة التي يقع فيها المسجد، ثم حزام الأحياء المقدسية المحيطة بالمسجد الأقصى والبلدة القديمة من الجهات المختلفة.
ومن بين المشاريع التهويدية التي أقامها الاحتلال في محيط الأقصى مشروع الجسر المعلق في واد الربابة، الذي أعلنت سلطات الاحتلال افتتاحه رسميًا أواخر تموز/يوليو 202، ليشكل أطول جسر معلق في القدس المحتلة. ويمكّن الجسر المشاة من المرور فوق الأحياء المقدسية المختلفة، ويُشكل مرفأً سياحيًّا، لتسهيل وصول المستوطنين إلى المسجد الأقصى والبلدة القديمة وحائط البراق، فضلًا عن تسهيل وصول المستوطنين للحدائق التوراتية، وللمناطق التي تضم قبورًا وهمية في سلوان.
ومن المشاريع الأخرى مخطط تهويدي لإقامة "مقهى ومطلة" فوق حائط البراق، تخطط له بلدية الاحتلال في القدس و"صندوق إرث المبكى"، ووفق الباحث المقدسي فخري أبو دياب، بدأ الاحتلال العمل على إقامة "المقهى والمطلة"، بعد وضع كل الترتيبات والإجراءات اللوجستية والفنية اللازمة لذلك، من كاميرات مراقبة، وإضاءة، وسلالم حديدية، وغيرها من التجهيزات. والمكان سيكون مفتوحًا على مدار الساعة للمستوطنين الذين لا يقتحمون المسجد الأقصى لأسباب أيديولوجية ودينية.
الحفريات أسفل الأقصى وفي محيطه
تستمر سلطات الاحتلال وأذرعها التهويدية في أعمال الحفر أسفل الأقصى وفي محيطه منذ بدأتها عام 1967 في سعي محموم لإيجاد تاريخ يوافق الرواية التوراتية، ويفرض هوية يهودية تطمس الهوية الإسلامية للمسجد ومحطيه.
ويجمل تقرير عين على الأقصى السابع عشر الصادر عن مؤسسة القدس الدولية في آب/أغسطس 2023، تطور الحفريات ما بين 2022/8/1 و2023/8/1،ويلفت إلى أنّ الاحتلال واصل الحفر في نفق يمتد من سلوان جنوب الأقصى ويخترق سور البلدة القديمة الجنوبي، ويتجه إلى منطقة ساحة البراق.
ويرصد التقرير حفر نفقين عام 2023 أحدهما يمتد من منطقة مجمع عين سلوان التاريخي جنوب الأقصى باتجاه باب المغاربة وساحة البراق، والآخر ما زال العمل به مستمرًا يبدأ من منطقة عين العذراء جنوب شرق المسجد باتجاه القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد، إضافة إلى استمرار الحفريات في ما يسمى "مدينة داود" و"تلة أوفل" جنوب الأقصى.
أما في الجهة الغربية من الأقصى، فيشير التقرير إلى تسارع أعمال الحفر في شبكة أنفاق الجهة الغربية، لافتًا إلى الكشف عن نفق جديد تحت السور الغربي للأقصى.
يرصد التقرير في الجهة الشمالية من الأقصى توسيع الاحتلال رقعة الحفريات بين بابي العمود والساهرة، واستمراره في تغيير معالم منطقة باب العمود، المدخل الرئيس إلى الأقصى من الجهة الشمالية للبلدة القديمة.