مواقف تحذّر من مشروع "مصعد البراق": اعتداء على الأقصى ومحاولة لتغيير الوضع القائم
حذرت شخصيات دينية وقانونية مقدسية، في تصريحات لصحيفة القدس المقدسية، من استمرار الاحتلال في مشاريعه الهادفة إلى تغيير الطابعين التاريخ والديني في القدس المحتلة، وآخرها مشروع مصعد البراق الذي يهدف لتسهيل اقتحامات المستوطنين لساحة البراق، غربي المسجد الأقصى.
وتبلغ كلفة المشروع 55 مليون شيكل، ويشمل إقامة مصعد إضافة إلى ممرات تحت الأرض وشارعًا يضم حوانيت تجارية، وغرفًا وقاعات في طابق علوي سيضاف لاحقًا، فيما يصل عمق المصعد إلى 26 مترًا، وسيربط بين "الحي اليهودي" الاستيطاني وساحة البراق، وسيوصل إلى نفق للمشاة يبلغ طوله 65 مترًا.
محاولة لتغيير الوضع القائم في القدس
قال الشيخ الدكتور عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، إن وضع أساسات لبناء مصعد كهربائي في منطقة باب المغاربة يمثل اعتداءً فاضحًا على الوقف الإسلامي، إضافة إلى تغيير معالم المنطقة تاريخيًا وأثريًا.
وأشار الشيخ صبري إلى أن سلطات الاحتلال، وفق القوانين والأعراف الدولية، لا يحق لها تغيير الوضع القائم، ولا الاعتداء على آثار الأمم والشعوب الأُخرى.
وأكد رفضه القاطع لهذا المشروع، قائلاً: "نحن نرفض هذا الموضوع جملة وتفصيلًا"، مشددًا على أهمية حماية المسجد الأقصى وما يحيط به من تعديات تهدف إلى تغيير طابعه التاريخي والديني.
منطقة باب المغاربة تابعة للأقصى والأعمال فيها تغيير للوضع القائم
قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين إن الشروع في وضع أساسات لبناء مصعد كهربائي على مساحة 200 متر مربع بالقرب من حائط البراق باتجاه المسجد الأقصى يُعدّ مساسًا بحرمة المسجد وبواباته.
وأكد أن منطقة باب المغاربة تابعة للمسجد الأقصى، وأن أي أعمال تُجرى فيها تعدّ تغييرًا للوضع القائم واعتداءً على حق الأوقاف الإسلامية والمسلمين في الإشراف على المسجد الأقصى ومعالمه، بما في ذلك الطرق والبوابات والمرافق الأخرى المتصلة به.
وأكد مفتي القدس أن المسجد الأقصى بساحاته وأروقته وأبنيته وكل ما دار حوله والسور وقف إسلامي خالص، لا يحق لغير المسلمين التدخل في شؤونه.
ربط "حارة اليهود" الموسعة بحائط البراق
قال الدكتور نظمي الجعبة، أستاذ التاريخ بجامعة بيرزيت إن إقامة المصعد الكهربائي في منطقة باب المغاربة يأتي استكمالاً لسلسلة من المشاريع التي تهدف إلى تحويل ساحة البراق إلى مركز للمدينة.
وأوضح أن هذه المشاريع تشمل مشروع التلفريك، وجسر وادي الربابة، والمصعد، وجميعها أدوات تهدف إلى تسهيل وصول الإسرائيليين وحركة السياح إلى حائط البراق، ما يعزز تحويل الحركة السياحية بشكل أساسي نحو هذه المنطقة.
وأشار الدكتور الجعبة إلى أن هذه المخططات ترتبط بمحاولات تهميش الوجود الفلسطيني العربي في القدس، والتركيز على هذه البقعة بشكل مكثف.
ولفت إلى أن هذه المشاريع لا تنفصل عن ما يحدث في سلوان، حيث يتم تكثيف حركة الاستيطان والحفريات الأثرية، في محاولة لتحويل الجزء الجنوبي من البلدة القديمة إلى مركز أساسي، وبالتالي تهميش باقي المدينة.
وأشار الدكتور الجعبة إلى أن إنشاء المصعد ليس هدفه تسهيل مرور الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ يمكنهم الوصول إلى ساحة البراق بالسيارة من دون الحاجة إلى استخدام الأدراج، وقال إن الهدف الحقيقي من المصعد هو ربط "حارة اليهود" الموسعة بحائط البراق، وتطوير الجزء الجنوبي من المدينة القديمة، ما يعزز عملية التهميش لباقي أحياء القدس.
أي مساس بالأقصى ومحيطه اعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية
وأكّد المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، رفضه القاطع لأي تعدٍّ على المسجد الأقصى المبارك، باعتباره معلمًا دينيًا إسلاميًا.
وقال أن أي محاولات لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى ومحيطه تُعدّ تطاولًا على مقدسات وأوقاف المسلمين، وكذلك على المسيحيين، لأننا في القدس وفي فلسطين بأكملها شعب واحد.
وأشار إلى أن من يتآمر على الأقصى يتآمر أيضًا على المقدسات المسيحية، مؤكدًا أن الجميع مستهدف، وأن الاحتلال يسعى لتزوير تاريخ القدس وطمس معالمها وتشويه طابعها.
وشدد المطران حنا على "أهمية الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في هذه الديار، خاصة في ظل الظروف الحالية، لتعزيز قوتنا في مواجهة التحديات المشتركة".
مخططات تهويدية لكامل القدس
وأكد المحامي خالد زبارقة، المختص يشؤون القدس والأقصى، أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول استغلال الوقت لتمرير وتنفيذ مخططاته التهويدية لكامل مدينة القدس، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك.
وأوضح زبارقة أن الاحتلال ينتهك القانون الدولي والقرارات الدولية، إضافة إلى الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع المملكة الأردنية الهاشمية.
وأشار زبارقة إلى أن حائط البراق وساحة البراق هما ملكية وقفية إسلامية لا يحق للاحتلال الإسرائيلي انتهاكها، وهي حقيقة قرآنية وقانونية ووطنية.
وأضاف: إن الاحتلال يسعى بشكل مستمر لتهويد المسجد الأقصى وتسهيل دخول المستوطنين إليه، في الوقت الذي يُمنع فيه مليارا مسلم حول العالم من الصلاة والتواصل مع المسجد.
وأكد زبارقة: إننا نواجه لحظة تاريخية بالغة التعقيد تتطلب من الجميع التيقظ لمخططات الاحتلال، الذي يسعى بكل قوته لتنفيذ أجندته الرامية إلى بناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.
وختم بقوله: "إن هذا الوضع يجب أن يثير انتباه كل حر وشريف وكل زعيم ونظام عربي وإسلامي، للتحرك في مواجهة هذه المخططات".