يمعن الاحتلال في تحويل حياة الأسرى إلى جحيم لا يطاق، ويتبع سياسة من التنكيل بهم ليضمن تحطيمهم نفسيًا، فلا يقتصر الأمر على حشر عدد كبير منهم في الغرفة الواحدة، وحرمانهم من الأغطية والملابس، وتوفير طعام قليل وسيء، ومنع المعقمات والمنظفات، بل يتجاوز ذلك إلى الشتم والإهانة، علاوة على ما جرى كشفه سابقًا من أخبار وتسجيلات مصورة عن اعتداءات على عدد من الأسرى أدت إلى استشهادهم.
ولا ينجو الأسرى القصّر من سياسة التعذيب والتنكيل، وقد جعلت سياسات الاحتلال أجسادهم بيئة مؤهلة لانتشار الأمراض، لا سيما مرض "الجرب" الذي ظهرت أعراضه بين الأسرى الأشبال في سجن "عوفر".
حياة يومية مأساوية تفرض على الأسرى في سجن "جلبوع"
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن الأسرى يعيشون حياة جحيم وموت في سجن "جلبوع"، وما يفرض عليهم يوميًا من سياسات وإجراءات وممارسات فيه إنكار لانسانيتهم، حيث يتم التعامل معهم بحقد وعنصرية وتطرف فاشي.
وأوضحت الهيئة أن هناك تركيزًا كبيرًا على استهداف الوضع النفسي للأسرى وتحطيم محتواهم الداخلي، عبر الإهانات الجسدية واللفظية التي تصدر من قبل إدارة وشرطة السجون، فالضرب والسب والشتم تحول لروتين ثابت، إلى جانب إجبار الأسرى على الجلوس بوضعيات معينة خلال إجراء العدد، حيث يجبرون على الركوع على الأرض وأيديهم على رؤوسهم ووجوههم نحو الحائط، و يفرض عليهم السير على خطوط مرسومة على الأرض خلال الخروج للفورة والتحرك فيها.
وبينت الهيئة ان الطعام الذي يقدم للأسرى لا يزال سيئًا كمًا ونوعًا، كما أن هناك نقصًا حادًا في الملابس والأغطية، إلى جانب انتشار الأمراض الجلدية، ومنع مواد التنظيف والمعقمات، كما أن عزل الأسرى عن العالم الخارجي مستمر حتى في إطار تواصلهم داخل الغرف، في حين تعاني الأقسام من اكتظاظ كبير لدرجة أن الأسير لا يستطيع الجلوس أو التحرك إلا على مساحة الفرشة التي يمتلكها.
الجرب يفتك بالأشبال في "عوفر"
حذرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين من خطورة انتشار الأمراض الجلدية بشكل عام وعلى وجه الخصوص مرض السكابيوس (الجرب) بين المعتقلين، الذي بات يهدد حياتهم بشكل حقيقي، الأمر الذي دفع إدارة سجون الاحتلال لإغلاق عدد من السجون أمام زيارات المحامين جراء هذا المرض.
وأعربت الهيئة في بيان لها، الخميس، عن قلقها لوصول هذا المرض لغرف المعتقلين الأشبال (القُصر) في سجن "عوفر"، الذي انتشر بينهم بشكل كبير وسريع، وأصبحت تظهر أعراضه على أجسادهم بشكل مزعج، حيث الحبوب والدمامل واحمرار الجلد الذي يمنعهم من النوم بسبب الحكة والألم.
وطالبت الهيئة منظمة الصحة العالمية بتحمل مسؤولياتها تجاه كل المعتقلين، وتحديدًا القصر منهم، إذ إن قلة النظافة والحرمان من امتلاك المنظفات والمعقمات والاغتسال خلال وقت قصير جدًا وعدم توفير الملابس والأغطية، يجعل من أجسادهم بيئة خصبة لانتشار مثل هذه الأمراض.
وأشارت الهيئة إلى أن معتقل "عوفر" يضم غالبية الأسرى القصر، اذ يبلغ عددهم 150 معتقلاً من أصل 260، ولا يتم التعامل معهم بأي خصوصية، نظرًا لأعمارهم الصغيرة وأجسادهم النحيلة، بل على العكس يستغل ذلك في الانتقام منهم وزيادة معاناتهم.
وأكدت أن الظروف الحياتية والصحية في سجن "عوفر" ما زالت معقدة، وأن العقوبات متواصلة والهجمة متصاعدة، فسياسات الضرب والتجويع والحرمان تفتك بأجسادهم.
وتابعت الهيئة أن طاقمها القانوني تمكن خلال اليومين الماضيين من زيارة عدد من المعتقلين في سجن "عوفر"، وبيّنت أنّ المعتقلين الذين تمت زيارتهم محتجزين وفقًا لسياسة الاعتقال الإداري، باستثناء الأسير تامر الشوامرة الذي وجهت له لائحة اتهام بعد قضائه عامين في الاعتقال الإداري.
ولفتت إلى أن غالبية هؤلاء الأسرى لديهم ظروف صحية صعبة وبحاجة إلى العلاج والأدوية، لكن إدارة السجن تتركهم فريسة للمرض، كما خصصت في السجن عدد من الغرف للحجر بسبب مرض الجرب.