
تتوالى التقارير التي تتحدث عن همجية الاحتلال وجرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين، وهي جرائم تصاعدت وتيرتها منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في 2024/10/7.
ونشرت القناة 12 العبرية مقطعًا مسربًا من معتقل "سدي تيمان" يوثق مجموعة من جنود الاحتلال ينفذون جريمة اغتصاب بحقّ أسير فلسطيني. ويُظهر الفيديو، الذي لم يحدد تاريخه ولا كيفية وصوله إلى القناة، عددًا من جنود الاحتلال يختارون معتقلاً من بين أكثر من 30 معتقلاً كانوا ملقين على الأرض في ساحة المعتقل وعيونهم مغطاة. ومن ثم يتم توثيق الجنود وهم يأخذونه إلى زاوية في الساحة مستخدمين الدروع من أجل إخفاء ما قاموا به.
ترجمة قدس | مشاهد تكشف اغتصاب جنود الاحتلال لأسير فلسطيني، وحجم التنكيل بالأسرى الفلسطينيين في سجن "سدي تيمان". pic.twitter.com/gWnyKzQME5
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) August 7, 2024
وتعقيبًا على الفيديو، قال نادي الأسير الفلسطيني إنّ هذه الجريمة واحدة من بين العديد من جرائم الاغتصاب التي نفّذها جنود الاحتلال بحقّ معتقلي غزة، تحديدًا في معسكر "سدي تيمان" الذي شكّل الشّاهد الأبرز على جرائم التّعذيب بحقّ المعتقلين الفلسطينيين في سجون ومعسكرات الاحتلال، استنادًا إلى إفادات وشهادات أسرى جرى الإفراج عنهم من معسكرات الاحتلال وكذلك استنادًا إلى زيارات محدودة تمت مؤخراً من قبل عدة مؤسسات.
وقال النادي إنّ الاحتلال تعمّد تسريب الفيديو تزامنًا مع مناقشة قضية إغلاق "سدي تيمان" بهدف التركيز على هذا المعسكر وكأنه الوحيد بين السّجون التي تمارس فيها هذه الجرائم الممنهجة والتي لا تقل بمستواها عن الفظائع التي مورست فيه. وبيّن أنّ سجن "النقب" كنموذج شكّل واحدًا من أبرز السّجون التي شهدت اعتداءات جنسية بمستوياتها المختلفة.
وأشار نادي الأسير إلى أنّ جريمة الاغتصاب الموثقة بالكاميرات تؤكّد أنّ هناك المزيد من الأدلة المصورة والتي يملكها الاحتلال حول كل الجرائم التي نفّذت بحقّ المعتقلين في المعسكر وفي سجون أخرى.
"بتسليم": السجون الإسرائيلية باتت شبكة معسكرات لتعذيب الأسرى الفلسطينيين
كشف تقرير صادر عن منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية عن عشرات الشهادات التي أدلى بها أسرى فلسطينيون اعتقلتهم قوات الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة.
Since October 7th, Israel has instated a systemic policy of abusing and torturing thousands of Palestinians in its custody.
>> pic.twitter.com/3X0yTel4nY— B'Tselem בצלם بتسيلم (@btselem) August 5, 2024
ووفق التقرير الصادر في 2024/8/5، فقد تم إطلاق سراح معظم الأسرى من دون محاكمة، فيما تحدثت رواياتهم بالتفصيل عن الانتهاكات الروتينية والتجويع والإذلال والحرمان من النوم والحرمان من العلاج الطبي والاعتداء الجنسي والإهانة والتجويع.
ووثق التقرير الذي حمل عنوان: "أهلاً بكم في جهنم: تحول السجون الإسرائيلية إلى شبكة من معسكرات التعذيب"، مستندًا إلى شهادات أدلى بها 55 أسيرًا فلسطينيًا بعد الإفراج عنهم من سجون الاحتلال.
وأكد التقرير، المكوّن من 90 صفحة، أن قوات الاحتلال تعتقل الأسرى الفلسطينيين في ظروف غير إنسانيّة، فيما تظهر إفادات الأسرى تحوّل أكثر من 12 من مرافق الاعتقال الإسرائيليّة، من مدنيّة وعسكريّة، إلى شبكة معسكرات هدفها الأساسيّ التنكيل بالبشر المحتجزين داخلها، مضيفًا أن كلّ من يدخل أبواب هذا الحيّز، محكوم بأشدّ الألم والمُعاناة المتعمّدين وبلا توقّف، حيز يشغل عمليّاً وظيفة مُعسكر تعذيب.
وأشارت "بتسيلم" إلى أنه استنادًا إلى الإفادات التي أوردها التقرير يتضح واقع تحكمه سياسة هيكلية وممنهجة قوامها التنكيل والتعذيب المستمرين لكلّ الأسرى الفلسطينيين، بما يشمل العنف المتكرر القاسي والتعسفي والاعتداء الجنسي والإهانة والتحقير والتجويع المتعمد وفرض ظروف نظافة صحية متردية والحرمان من النوم ومنع ممارسة العبادة وفرض عقوبات على ممارستها ومصادرة جميع الأغراض المشتركة والشخصية ومنع العلاج الطبي المناسب.
وبين التقرير أنه "على مر السنين زجت إسرائيل بمئات آلاف الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية التي لطالما استخدمت كأداة للقمع والتحكم بالسكان الفلسطينيين أكثر من أي استخدام آخر.
أسرى "عتصيون" و"عوفر" بين التجويع والإهمال الطبّي
تتعدد مرافق الاعتقال والأسر الإسرائيلية لكن المشترك فيما بينها هو سياسة التعذيب الهمجي والتنكيل بالأسرى، وصولاً إلى قتل بعضهم بسبب التعذيب.
ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نقلًا عن محاميها الذين زاروا سجني "عوفر" و"عتصيون"، يعاني الأسرى ظروفًا حياتية وصحية صعبة، ويعانون مجاعة حقيقية.
فقد تعرّض كل المعتقلين في "عوفر" للضرب والتنكيل، إما عند اعتقالهم أو خلال نقلهم بين مراكز التوقيف والسجون، وصولاً إلى اقتحام وحدات القمع الغرف والأقسام، وممارسة كل أشكال التعذيب، ما ألحق بهم إصابات بين كسور وجروح ورضوض.
والطعام المقدم للأسرى سيء كمًّا ونوعًا، فأنهك أجسادهم وحولها إلى جلد وعظم، وسمح للأمراض بالتغلغل فيها، في ظل جرائم طبية وإهمال متعمد، إضافة إلى معاناتهم من نقص الملابس ومواد التنظيف والمستلزمات الحياتية كافة.
ولا تقل ظروف الأسرى في "عتصيون" مأساوية عن ظروف نظرائهم في "عوفر"، إذ تظهر على الأسرى آثار تعامل جنود الاحتلال والسجانين مع المعتقلين، سواء في عملية الاعتقال من المنزل أو الشارع، حيث الضرب المبرح وتفجير الأبواب وتفتيش المنازل والعبث بمحتوياتها، أو أثناء عملية النقل، كما يتعرض المعتقلون للضرب بشكل وحشي وجنوني، وإسماعهم ألفاظًا نابية ومهينة.
وخلال التحقيق مع المعتقلين، يتم ضربهم وتعذيبهم بكل السبل التي كان منها حالة المعتقل "ع. ر." الذي تعرض للضرب المبرح على قدميه ويديه بالعصي والبساطير لحظة الاعتقال والتحقيق، ما ترك آثارًا وخدوشًا على يديه وأنحاء جسده، كما تعرض المعتقل "أ. س." للضرب الشديد وقام عدد من الجنود بإلقائه على الأرض وسط صراخ وشتم واستهزاء، مع تصويره للضغط عليه واستفزازه بصورة غير إنسانية.
هيومن رايتس ووتش: جنود إسرائيليون يتداولون صورًا مهينة لأسرى فلسطينيين بما يرقى إلى جرائم حرب
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الشهر الماضي، إن جنود الاحتلال ينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو للأسرى الفلسطينيين، وقد جُرّدوا من ملابسهم، وأحيانًا تجري تعريتهم قسرًا، وهو ما يُعدّ شكلاً من أشكال العنف الجنسي وجرائم الحرب.
وحللت هيومن رايتس ووتش نحو 37 منشورًا ظهر فيها الأسرى الفلسطينيون وأغلبهم من رجال وأطفال الضفة الغربية وقطاع غزة وهُم مجردون من ملابسهم، وأحيانًا عراة تمامًا، ومقيدو الأيدي، ومعصوبو الأعين، ومصابون.
وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك شرق القدس، التابعة للأمم المتحدة، خلصت، في تقريرها الصادر في مايو/أيار 2024، إلى أن التجريد القسري والتعري وما يتصل بذلك من "أعمال اضطهاد محددة" ضد الرجال والأطفال الفلسطينيين المحتجزين لدى الاحتلال كانت بأمر من السلطات الإسرائيلية أو بتغاضيها عنها، نظرًا إلى تكرار هذه الانتهاكات، والطريقة التي صُوّرت فيها هذه الأعمال، وحدوثها في عدة مواقع.