استهداف الاحتلال المسيحيين والمقدسات المسيحية في القدس: نهج متصاعد من العدوان
اعتدت قوات الاحتلال، في 2023/4/15، على أبناء الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الشرقي والحجاج الأجانب الذين كانوا يحاولون الوصول إلى كنيسة القيامة والبلدة القديمة في القدس للاحتفال بـ "سبت النور"، بعدما حاولوا اجتياز عشرات الحواجز الحديدية التي أقامتها شرطة الاحتلال في ساحة الكنيسة وعلى جميع محاور الطرق في القدس القديمة.
وأقامت شرطة الاحتلال عشرات الحواجز الحديدية في الطرق المؤدية الى كنيسة القيامة ومنعت آلاف المسيحيين بمن فيهم المحليون والأجانب من الوصول الى الكنيسة، حيث أقيمت الاحتفالات عشية عيد الفصح الذي تحتفل به هذه الطوائف.
وشوهد عناصر شرطة الاحتلال وهم يعتدون على مسيحيين أجانب أثناء محاولتهم الوصول الى الكنيسة للمشاركة في الاحتفالات. وكان آلاف المسيحيين المحليين والأجانب وصلوا إلى القدس المحتلة للمشاركة في الاحتفالات قبل أن تمنع شرطة الاحتلال أعدادًا كبيرة منهم من الوصول الى الكنيسة.
وكانت كنائس القدس المحتلة أكدت أن سلطات الاحتلال فرضت قيودًا "غير معقولة وغير مبررة وغير مسبوقة على الوصول إلى كنيسة القيامة"، إذ أعلنت تحديد أعداد من سيسمح لهم بالوصول إلى كنيسة القيامة وساحتها بـ1800 شخص فقط.
تصاعد الاعتداءات بحق المسيحيين في القدس
ليس اعتداء الاحتلال على المسيحيين في "سبت النور" الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سياسة ممنهجة يعتمدها الاحتلال لفرض مزيد من التحكم والسيطرة على القدس وهوّيتها. ووفق تقرير حال القدس السنوي 2022 الصادر عن مؤسسة القدس الدولية، فإنّ الاعتداءات على المسيحيين والكنائس والأملاك المسيحية تهدف إلى ترسيخ سياسة الإقصاء والتطهير الديني التي ينتهجها الاحتلال في القدس.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2022، قالت صحيفة "ديلي ميل" إنّه "يتم البصق على رجال الدين وهم يقودون مواكب إلى كنيسة القيامة المقدسة، وتتعرض كنائس أخرى للهجوم من مثيري الحرائق" من جانب الاحتلال. ووقعت حادثة من هذا النوع عندما بصق جنود إسرائيليون، من لواء "جفعاتي"، على رجال دين مسيحيين رفيعي المستوى، وعلى الصليب الذي يحملونه، خلال مسيرة عيد الصليب في القدس المحتلة.
وروى رجل دين رفيع من الكنيسة الأرمنية أن قوات الاحتلال "بصقوا عليه وعلى الصليب الذي يحمله"، وهو يستذكر لحظات من المسيرة الاحتفالية التي نُظِّمَتْ في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022، والتي تحوّلت، بحسب كلامه، إلى "مسيرة إهانة وانفعال". وأكّدت الصحيفة أن "المستوطنين قادوا عمليات الاقتحام في الحي المسيحي، تجلت مؤخرًا بالاستيلاء على دار ضيافة ليتل بترا، التي احتُلت بصورة غير قانونية في نيسان/أبريل 2022، وهي في طور التجديد وتجريدها من جميع علامات استخدامها السابق".
ونقلت صحيفة هآرتس عن مصادر في الكنائس قولها إنّ شرطة الاحتلال لا تتعامل بجدية وبما فيه الكفاية مع الوضع، وترفض أن ترى في تراكم الأحداث العنيفة ظاهرة، وإنّ ه يتم الإبلاغ عن جزء صغير من الأحداث للشرطة، أما فعليًا فعددها أكبر بكثير من العدد المعروف.
ومنذ بداية عام 2023، رصدت اعتداءات متعددة بحقّ مسيحيين ومقدسات مسيحية، فقد اقتحم مستوطنان مقبرة للبروتستانت في جبل صهيون وحطّما شواهد 30 قبرًا فيها، وخطّ مستوطنون شتائم على جدران دير الأرمن في البلدة القديمة وقاموا بأعمال تخريب في دير الأرمن في "معلوت" بالجليل. كذلك، اعتدى مستوطنون على شباب مسيحيين في حي الأرمن بالقدس، وألقى شباب يهود الكراسي على أشخاص كانوا يجلسون في مطعم للأرمن في البلدة القديمة.
دعوات للدفاع عن كنيسة القيامة
دانت مؤسسة القدس الدولية الاعتداء الهمجي لقوات الاحتلال على المصلين الآمنين الوافدين إلى كنيسة القيامة للاحتفال بسبت النور؛ وأكّدت أنّ الصلاة في كنيسة القيامة وتوافد المصلين إليها شأن حصري للطوائف المسيحية في القدس بموجب الوضع القائم الذي كرسته واعترفت به قوى العالم الكبرى منذ اتفاقيتي باريس 1856 وبرلين 1878؛ ولا شأن للاحتلال به بأي حال، وأضافت أنّ محاولة الاحتلال تحديد أعداد المصلين في كنيسة القيامة في كل عام؛ واستخدام هذا التحديد كعنوان للعدوان على المصلين وحرمانهم من حقهم في الصلاة؛ هو عدوان مدان ومرفوض يؤكد بحث هذا المحتل عن أي ذريعة للسيطرة على مقدسات القدس المسيحية والإسلامية وحرمان أصحابها منها؛ عله يوقف تدفق المصلين ويفسح بذلك المجال لمشروعه التهويدي الإلغائي.
ولفتت المؤسسة إلى أنّ تزامن رمضان وعيد الفصح المسيحي هذا العام أعاد تأكيد طبيعة المحتل؛ فالمشروع الصهيوني هو مشروع إلغائي إحلالي؛ قائم على الاعتقاد بالتفوق الخلقي لفئة من البشر، لا يرى لغيرها حقوقًا ولا مقدسات؛ وهو بذلك يشكل حالة إجرامية تزرع بذور الحرب أينما حلت؛ وهذا يؤكد أن كنس هذا الاحتلال عن القدس وعن كل فلسطين هو خيارنا الوحيد؛ ويضعنا أمام مسؤولية خوض معركة الدفاع عن كنيسة القيامة، وعن حق المسيحيين المطلق بالصلاة الآمنة فيها.
وأشارت المؤسسة إلى أنّ وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، المسؤول عن شرطة العدوان والإجرام عضو مؤسس ورئيس سابق لمنظمة لاهافا المتطرفة التي لطالما أحرقت كنائس المسيحيين وأديرتهم واعتدت على المصلين والرهبان، كما أنه عضو في جماعات المعبد المتطرفة؛ وهو اليوم يحدد قواعد الاشتباك في الأقصى والقيامة على الأسس ذاتها.
وعليه، دعت المؤسسة الأمة العربية والإسلامية إلى الاصطفاف دفاعًا عن كنيسة القيامة كما وقفنا دفاعًا عن المسجد الأقصى المبارك؛ وناشدت كل أحرار العالم بضرورة التحرك العاجل لوقف هذا العدوان، ومجابهة الحرب الصهيونية لطمس هوية القدس ومقدساتها.
وقال المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج إنّ اعتداء الاحتلال على المسيحيين في كنيسة القيامة امتداد للعدوان على المسجد الأقصى، وإنّ الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسحييه موحد ضد التهويد.
ولفت في بيان إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية الهمجية على المسيحيين بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى والمرابطين خلال شهر رمضان، تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تستهدف المسلمين والمسيحيين من أبناء الشعب الفلسطيني على حد سواء.