يستمر الاحتلال في حربه الهمجية على قطاع غزة منذ أكثر من شهر، ممعنًا في استهداف المدنيين في القطاع حيث وصل عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة العدوان إلى أكثر من 10,500 شهيد، فيما تجاوز عدد الجرحى 26 ألفًا. وذريعة الاحتلال في هذه المذبحة القضاء على حرة "حماس" التي أطلقت عملية طوفان الأقصى في 2023/10/7 ردًا على تصعيد الاعتداءات على الأقصى والأسرى.
وإلى جانب الخسائر العسكرية التي تلحقها المقاومة بالاحتلال وجنوده وآلياته على اختلافها، فإنّ الحرب شكلت ضربة لاقتصاد الاحتلال، وقد حذر 300 من كبار الخبراء الإسرائيليين من أن الاقتصاد الإسرائيلي يمر بوقت صعب، بشكل يستوجب إجراءات فورية لمنع وقوع مزيد من الضرر، ودعوا نتنياهو وسموتريتش إلى "العودة إلى رشدهما"، وصرحوا في رسالة مفتوحة بأن الوضع الراهن يتطلب تغييرًا جذريًا في الأولويات وإعادة توجيه الأموال للتعامل مع أضرار الحرب وإعادة تأهيل الاقتصاد.
تدهور كبير في الاقتصاد
نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" تقريرًا يسلط الضوء على تأثير الحرب في اقتصاد الاحتلال؛ حيث يعاني تدهورًا كبيرًا مع تأرجح الشركات على حافة الانهيار وتراجع الاستثمارات الأجنبية والثقة في الاقتصاد.
وقالت الصحيفة إنّ شركة أطلس الإسرائيلية للفنادق أرسلت لعملائها المخلصين مؤخرًا نداءً يائسًا للتبرع لإنقاذ الشركة من الانهيار. وكانت فنادق شركة أطلس الستة عشر استقبلت ألفًا من المستوطنين الذي غادروا سكنهم بعد عملية طوفان الأقصى، وعندما فشلت حكومة الاحتلال في تحمل التكاليف، بدأت الشركة بجمع التبرعات.
وقالت الصحيفة إنّ العدوان على غزة، ورد المقاومة بالصواريخ، أحدث موجات من الصدمة في اقتصاد "إسرائيل" البالغ 488 مليار دولار، ما عطل الآلاف من الشركات، وضغط على الأوضاع المالية للبلاد، وأغرق قطاعات بأكملها في الأزمة.
ولفتت الصحيفة إلى تعهد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بإنشاء "اقتصاد تحت السلاح"، مؤكدًا دفع الثمن الاقتصادي الذي تفرضه الحرب مهما كان، إضافة إلى تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي أشار إلى تقديم مساعدات لجنود الاحتياط في الجيش وإجراءات لتعويض الشركات عن خسائر الحرب.
ويرى رون تومر، رئيس رابطة المصنعين في "إسرائيل"، أن الحكومة تتخلى عن شعبها؛ حيث لم يحصل الكثيرون على تعويض كامل مما سيعرضهم لصدمة سيئة في محافظ رواتبهم التالية.
ونقلت الصحيفة عن ميشيل سترافشينسكي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية في القدس، أن "عدم اليقين هذه المرة أكبر، وأن الأهداف أكثر صعوبة؛ حيث يعني القضاء على حماس وإنهاء حكم الجماعة المسلحة في غزة أن الحرب ربما تكون أطول".
بينت الصحيفة أن بعض الدلائل تشير إلى حدوث انتعاش بعد الصدمة الأولية للهجوم؛ حيث لا تزال العملية المحلية صامدة، مع تدخلات "بنك إسرائيل"، وبدأ طلب المستهلكين في الانتعاش، لكن الصراع لا يزال له تأثير مروع على النشاط التجاري، وخاصة قطاع البناء، حيث أغلقت البلديات الكثير من مواقع البناء.
وأكدت الصحيفة تزايد الأدلة على التأثير المدمر للحرب في النشاط الاقتصادي؛ فحسب دراسة استقصائية للشركات الإسرائيلية أجراها مكتب الإحصاء المركزي فإنّ واحدة من كل ثلاث شركات أغلقت أبوابها أو تعمل بطاقة استيعاب 20٪ أو أقل، في حين أبلغ أكثر من النصف عن خسائر في الإيرادات بنسبة 50 ٪ أو أكثر، وكانت النتائج أسوأ بالنسبة للجنوب، المنطقة الأقرب إلى غزة؛ حيث أغلقت ثلثا الشركات عملياتها أو خفضتها إلى الحد الأدنى.
50 مليار شيكل كلفة الحرب في شهر
قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في 11/7، إن الحرب كلفت "إسرائيل" إلى الآن قرابة 50 مليار شيكل (حوالي 13 مليار دولار).
ولفتت إلى أن نفقات المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بلغت 30 مليار شيكل، أساسها ميزانية جنود الاحتياط والذخائر، و14.3 مليار دولار مساعدات أميركية.
وقالت الصحيفة إن الأضرار التي وقعت في 24 مستوطنة من مستوطنات غلاف غزة تقدر بحوالي 10 مليارات شيكل.
وبينت الصحيفة أنّ ثمة 5 مليار شيكل تكلفة الأضرار الناتجة عن قصف الصواريخ في بقية أنحاء "إسرائيل"، و2 مليار شيكل ميزانية حلول تتعلق بالمستوطنات.
وقدرت ميزانية ما يسمى بـ"مساعدة دعم" لأعمال لشهري تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني/نوفمبر، بـ 12 مليار شيق، يضاف إلى ذلك 15 مليار شيكل، "قيمة الضرر المقدر للنمو الاقتصادي الإسرائيلي من بين جملة أمور التراجع في مدفوعات الضرائب".
مستوطنات غلاف غزة
قالت "يديعزت أحرونوت" إنّ "29 مستوطنة في الغلاف و22 في الشمال أُخليت من المستوطنين"، مضيفةً أن أكثر من 94 ألف تم إخلاؤهم ويقيمون في فنادق في مختلف أنحاء "إسرائيل"، من بين الذي أخلوا فقط حوالى 35 ألف منهم يستحقون الإخلاء، بحسب الصحيفة.
وأضافت أن هناك من أخلوا بصورة مستقلة وبلغ عددهم حوالى 115 ألف إسرائيلي، وهم أخلوا من مستوطناتهم بناء لقرار ذاتي. وفي المجموع، بات أكثر من 224 إسرائيلي من مستوطني "إسرائيل" يقيمون في هذه الأيام خارج مستوطناتهم.
تسريح عشرات آلاف العمال بسبب الحرب
قالت وزارة العمل الإسرائيلية، في 2023/11/2، إن نحو 46 ألف عامل إسرائيلي تم تسريحهم منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.
وذكرت الوزارة أن هناك 760 ألف عامل إسرائيلي، أو حوالي % من القوة العاملة، لا يعملون في الوقت الحالي، وذلك لثلاثة أسباب، هي أنّ العمال والموظفين الإسرائيليين يؤدون الخدمة الاحتياطية في الجيش، أو يعيشون في محيط غزة، أو يمكثون بالمنزل مع أطفالهم.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، استدعت سلطات الاحتلال قرابة 350 ألفًا من جنود الاحتياط، وهم موظفون عاملون في الاقتصاد الإسرائيلي.
ولا تشمل البيانات أرقام العمالة الفلسطينية في دولة الاحتلال، البالغ عددهم قرابة 140 ألفًا، بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.