تقاريرميدان

23 عامًا على اقتحام شارون للأقصى.. ما واقع الاقتحامات اليوم وما المطلوب لحماية المسجد؟

في 2000/9/28، اقتحم الأقصى أريئيل شارون، رئيس حزب "الليكود" وزعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك، يرافقه حوالي 2000 جندي لتأمين الاقتحام، بموافقة من إيهود باراك (حزب العمل)، رئيس حكومة الاحتلال. في أثناء الاقتحام، صرّح شارون أنّ المسجد "سيبقى منطقة إسرائيلية"، فيما اعتدت عناصر الأمن المرافقة له على المصلين الذين أثار غضبهم اقتحام شارون وتصريحاته.

أدّت الاعتداءات الإسرائيلية في الأقصى إلى استشهاد 7 فلسطينيين وإصابة 250 آخرين بجروح، فيما جرح 13 جنديًا إسرائيليًا. ولم تلبث المواجهات أن توسّعت وامتدت إلى أحياء القدس ومناطق الضفة الغربية. استمرّت الانتفاضة على مدى 5 سنوات، وتوقفت في 2008/2/8 مع توقيع اتفاق للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في شرم الشيخ جمع كلاً من محمود عباس، المنتخب حديثًا خلفًا للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ورئيس حكومة الاحتلال أريئيل شارون. وعلى أثر الاتفاق، أعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أنّ مصر والأردن قررتا إعادة سفيريهما إلى "تل أبيب".

واقع اقتحامات الأقصى بعد 23 عامًا على انتفاضة الأقصى

كان اقتحام شارون الأقصى عام 2000 محاولة لفرض ما يزعمه الاحتلال حول سيادته على القدس، بما فيها المسجد الأقصى، وهذا ما كان حاضرًا في تصريح شارون نفسه عند اقتحامه الأقصى عندما قال إنّه "سيبقى أرضًا إسرائيلية".

ووفق الباحث في الشأن المقدسي علي إبراهيم، لا يزال المسجد الأقصى يرزح تحت محاولات أذرع الاحتلال الحثيثة لتهويده، وتثبيت الوجود اليهودي فيه، وما ينجم عن هذا الوجود من إزالة للوجود البشري الإسلامي الذي يشكل الأداة الأولى لعرقلة مخططات الاحتلال، وصدّ اعتداءاته المتكررة بحق الأقصى، ومع كل خطوة تضعف أذرع الاحتلال عبرها الوجود الإسلامي في الأقصى، تدعم في المقابل الوجود الاستيطاني اليهودي داخل المسجد، وهذا ما يفتح المجال أمام تحويل الوجود اليهودي من وجودٍ عابر يتعلق بساعات الاقتحام شبه اليوميّة، إلى وجودٍ دائم.

ويشير إبراهيم، في حديث لموقع القدس 360، إلى أنّ أذرع الاحتلال صعّدت في الأعوام الأخيرة من وتيرة اقتحام المسجد الأقصى، إضافةً إلى حشد أعداد كبيرة من المقتحمين لا سيما بالتزامن مع الأعياد اليهوديّة، فيما كثفت "منظمات المعبد" جهودها لحشد أعدادٍ كبيرة من المستوطنين للمشاركة في هذه الاقتحامات التي تترافق مع محاولات فرض الطقوس التوراتية في المسجد عبر ممارسة الصلوات التوراتية، واقتحام الأقصى باللباس الأبيض الخاص بطبقة الكهنة، وإدخال القرابين النباتية، ومحاكاة القربان الحيواني وغيرها.

ويشير إبراهيم إلى أنّ هذه الاقتحامات تجد دعمًا ومشاركة من المستوى السياسي في دولة الاحتلال، إضافة إلى اقتحامات المستوى الأمني التي تهدف إلى توفير الحماية لاقتحامات المستوطنين وأدائهم الطقوس اليهوديّة العلنية، ومنع المسلمين من التصدي للاقتحامات وعرقلة أداء هذه الطقوس، علاوة على الاستهداف المتكرر للساحات الشرقية للأقصى، عبر اقتحام مصلى باب الرحمة ومحاولة إفراغ محتوياته، وقطع أسلاك الكهرباء والصوت غير مرّة.

ما المطلوب من مختلف الجهات والأطراف لمواجهة العدوان على الأقصى؟

على مدى أكثر من ثلاثة عقود مضت، لم يكن الأقصى عنوانًا للعدوان وحسب، بل كان كذلك عنوانًا لمقاومة العدوان والتصدّي له. فعدوان شارون على المسجد قابلته انتفاضة الأقصى، سبقه عدوان نتنياهو عام 1996 وافتتاح النفق الغربي أسفل الأقصى الذي قابلته هبّة النفق، ومنذ عام 2013 كان الأقصى عنوانًا للعدوان على المسجد ومرابطيه وفي الوقت ذاته منطلقًا لهبّات شعبية، منها هبة باب الأسباط وباب الرحمة، إضافة إلى معركة سيف القدس، وهو ما يعمل الاحتلال على محاربته عبر منع المقاومة وتجفيف روافدها.

ويقول د. شريف أبو شمالة، مدير مؤسسة القدس – ماليزيا إنّ أمتنا أمة كبيرة وأمة حية، ويجب على أمتنا أن تقوم بدورها، وأن ترقى بدورها لتكون على مستوى مسؤولية حماية المسجد الأقصى.

ويرى أبو شمالة، في حديث لموقع القدس 360، أنّه من أفضل الواجبات، أو من أهم الواجبات علينا كأمة، أن ننقل معركة الدفاع عن المسجد الأقصى إلى كل الساحات، بحيث تنخرط كلّ ساحات الأمة والساحات النشطة في الدفاع عن الأقصى وحمايته.

ويضيف: يجب أن تتدخل الحكومات وتكون جزءًا من هذه معركة الدفاع عن المسجد الأقصى، فثمّة دول إسلامية كبرى، كإندونيسيا وباكستان وبنغلادش، والسعودية. هذه الدول ذات الكثافة السكانية الكبيرة وذات التأثير الكبير في الاقتصاد وعلى المسرح الدولي، يجب أن تأخذ دورًا أكبر، ومن هنا نرجو أن يأتي اليوم القريب الذي تكون فيه جبهات الدفاع عن الأقصى في كل هذه البلدان جبهات دفاع رافعة، وقوية وفاعلة في الدفاع عن المسجد.

كذلك، ينبغي أن يكون ثمّة التزامات حقيقية من مكونات الأمة على اختلافها وتعدّدها، سواء الشباب أو النساء أو رجال الأعمال أو المدرّسين، و كل من يمكنه أن يقدم لمعركة الدفاع عن المسجد الأقصى، وينبغي أن يكون في فهم كل فرد في هذه الأمة أن الدفاع عن المسجد الأقصى هو دفاع عن كرامة الإسلام وكرامة الأمة الإسلامية، وهو أيضًا دفاع عن مقدسات المسلمين كلها. فالأصل ألا ُيترك المسجد الأقصى وحيدًا، وهو شقيق المسجد الحرام.

ويؤكد أبو شمالة أنّ الحالة التي يمر بها المسجد الأقصى الآن من كونه تحت الاحتلال تستوجب على المسلمين، وعلى الأمة، وعلى أحرار العالم أن يكون لهم موقف متقدّم وأكثر فاعلية تجاه حماية كونه تحت التهديد المباشر.

أمّا السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية فمطلوب أن يكون لها دور أكبر وأكثر فاعلية في الدفاع عن المسجد الأقصى، وألا يكون الاعتداء على المسجد أمرًا عاديًا، بل يجب التعاطي معه على أنّه أمر استثنائي، وأن يدفع العدو ثمنًا له.

ويختم أبو شمالة بالإشارة إلى أنّه ليس مطلوبًا من الفلسطينيين، بإمكانياتهم المتواضعة، تحقيق نتائج كبيرة، بل المطلوب ألّا ننكسر، وألّا نترك الأقصى، وأن نشرك جميع مكونات الشعب في الدفاع عن المسجد الأقصى، وليس بعيدًا عنها مكونات الفصائل والمقاومة، لأنّنا كفلسطينيين، خطّ الدفاع الأول عن المسجد الأقصى، فهذا قدرنا ويجب أن نكون على قدر المسؤولية.

فريق التحرير

الأقصى بوصلتنا والقدس عنواننا، نعمل لنوصل صورة القدس من كل الزوايا
زر الذهاب إلى الأعلى