تقاريرميدان

هكذا مر عدوان رأس السنة العبرية على المسجد الأقصى

شهد المسجد الأقصى يومي الثلاثاء 9/23 والأربعاء 2025/9/24 تصعيدًا في العدوان تزامنًا مع احتفال المستوطنين برأس السنة العبرية، وهي محطة انطلاق موسم الأعياد العبرية الأطول والأقسى على الأقصى حيث تستغله "منظمات الهيكل" لتعزيز عدوانها على المسجد، لا سيما عبر فرض الطقوس التوراتية فيه.

وبلغ عدد المقتحمين على مدى يومي رأس السنة 897 مستوطنًا، توزعوا ما بين 443 الثلاثاء و454 الأربعاء.

ويحيي المستوطنون اليوم الخميس "يوم صوم جداليا"، ومن ثم من الأحد حتى الأربعاء المقبل تتواصل "أيام التوبة" والمتوقع أن تتضاعف أعداد المقتحمين خلالها نظرًا للتخفيف النسبي لمحظورات الصيام.

تكريس الرقص والغناء وفرض الطقوس التوراتية

قال الباحث المتخصص في شؤون الأقصى زياد ابحيص إنّ أبرز ما حصل في يومي العدوان كان تكريس الرقص والغناء الجماعي للمقتحمين، بعدما كان اقتحام "ذكرى خراب الهيكل" في 2025/8/3 أول مناسبة تشهد هذا التصعيد، والذي أقره وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير في شهر حزيران الماضي، ويهدف منه إلى تحويل المسجد الأقصى إلى ساحة اجتماعية عامة للمناسبات الصهيونية عمومًا، وعدم الاقتصار على تهويده دينيًا.

وبيّن أن الاقتحام شهد فرض الطقوس التوراتية التي باتت معتادة في الأقصى بكل أسى، سواء كانت صلوات الصباح والمساء أو الصلوات المضافة المخصصة لهذا العيد، أو الانبطاح الجماعي "السجود الملحمي" على ثرى الأقصى، والذي يُقصد منه تكريس التعامل معه وكأنه "الهيكل"، على اعتبار أن مثل هذا الانبطاح محظور على الحجارة في الشريعة اليهودية، لكون الحجارة مادة صناعة الأصنام، وتستثنى منها حجارة "الهيكل" بناء على العقيدة الحلولية اليهودية التي تعتقد بـ"حلول روح الرب" في هذه الحجارة، ما يجعل الانبطاح المباشر عليها مقبولاً (مع التشديد على وجود خلاف بين حاخامات الصهيونية الدينية على ذلك، حيث يطالب بعضهم بإزالة البلاط الحجري أو تغطيته).

اقتحام الأقصى بثياب التوبة البيضاء

أظهرت مقاطع وصور نشرتها منصات مقدسية أن عددًا من المستوطنين، وبينهم عدد من قيادات "منظمات الهيكل" مثل الحاخام أليشع وولفسون والحاخام يهودا جليك، اقتحموا الأقصى باللباس الأبيض.

وقال ابحيص إنّ الثياب الأبيض تمثل "ثياب التوبة" التي تنص الشريعة اليهودية على ارتدائها في الأيام العشرة الأولى من السنة لكونها "أيام التوبة". وهذه الثياب تزيد من فرض الهوية التوراتية في الأقصى وهذا الهدف الأساس من تكرار ارتدائها من المقتحمين في كل أوقات السنة وليس في هذه الأيام فقط.

كما أن هذا الزي الأبيض هو أحد الأزياء التي يرتديها كهنة "الهيكل" على مدار العام، وفرضُهُ في الأقصى يخدم بالتالي التمهيد لحضور طبقة كهنة "الهيكل" في الأقصى، باعتبارها الطبقة التي تقود صلاة اليهود في "الهيكل" وفق الأسطورة التوراتية، فتمسي آثار فرض حضورها في الأقصى مضاعفة.

نفخ البوق

نشر ناشطون في "منظمات الهيكل" مقطعًا يوثق النفخ بالبوق في الجهة الشرقية من الأقصى في أول أيام رأس السنة العبرية، وهو مقطع تم التقاطه عبر سائح غير يهودي".

ويمثل النفخ بالبوق إعلانًا للسيادة، يستحضر الأسطورة التوراتية والممارسة الصهيونية في سيناء عام 1956 وفي القدس عام 1967، ويحمل دلالات دينية تتوهم أنه انتقال من زمان الحصرية الإسلامية للمسجد إلى زمان تهويده، تسعى لفرضه عقلية خلاصية أسطورية تؤمن بأنها تحضّر بنفخه لمقدمات التدخل المباشر للرب في مجرى التاريخ بإرسال المخلص.

ويأتي هذا الاعتداء في إطار مسار صاعدٍ منذ عام 2019 لفرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى كأداة لتبديل هويته من مسجد إلى هيكل، وفرض تحويله إلى مقدسٍ مشترك بالقوة كمحطة وسيطة.

حصار وتعتيم

وقال ابحيص إن هذا العام شهد تعزيزًا لحالة الحصار والتعتيم على وضع المسجد الأقصى، فالتصوير القادم من المنصات المقدسية هو إما من مسافة بعيدة داخل المسجد أو من مسافة أبعد خارجه نتيجة إبعاد معظم المرابطين والصحفيين وتقييد الدخول إليه وتقييد عمل حراس المسجد الأقصى التابعين للأوقاف ومنع دخولهم لكامل الساحة الشرقية أثناء الاقتحامات، حتى بات ما تنشره "منظمات الهيكل" عن أعمالها هو المصدر شبه الوحيد لما يحصل.

ولذلك، بيّن ابحيص، فقد غاب هذا الاستعراض من طرف هذ المنظمات نظرًا لالتزام أعضائها بمحظورات الصيام اليهودي على مدى اليومين الماضيين، ومن بينها النشر والتحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

فريق التحرير

الأقصى بوصلتنا والقدس عنواننا، نعمل لنوصل صورة القدس من كل الزوايا
زر الذهاب إلى الأعلى