يشكل "عيد العرش" التوراتي ذروة محطات العدوان في موسم الأعياد العبرية الطويل، حيث تسعى "منظمات الهيكل" فيه إلى فرض أكبر افتحام عددي للأقصى على مدى أسبوع.
ويمتد "العيد" هذا العام من يوم غدٍ الثلاثاء 10/7 ويستمر حتى الإثنين 10/13 مع تركيز الاقتحامات يومي الأربعاء والخميس.
وقد استبقت "منظمات الهيكل" المناسبة بدعوة المستوطنين إلى المشاركة في اقتحام المسجد وأداء الطقوس التوراتية فيه، فيما أعلنت شرطة الاحتلال عن إجراءاتها للمناسبة بما يعكس تبنّيها الكامل للاقتحامات وحرصها على تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، وعلى تكريس "اتحاد منظمات الهيكل" كممثل للإدارة اليهودية للأقصى في مقابل الأوقاف الإسلامية.
دعوات لاقتحام الأقصى وفرض الطقوس التوراتية فيه
نشرت مختلف "منظمات الهيكل" دعوات متعددة لاقتحام المسجد الأقصى طوال أيام "عيد العرش"، وقد تعهدت تلك الدعوات بتوفير المواصلات المجانية للراغبين في الاقتحام، وبتوفير المرطبات والوجبات الخفيفة، والمرشدين الدينيين مع كل فوجٍ من المقتحمين.
كما شددت على الدعوة إلى أداء الطقوس التوراتية في الأقصى وزينت دعواتها بالقرابين النباتية التي تعمل منذ سنوات على تحويل تقديمها إلى طقس مفروض ومتكرر في المسجد الأقصى.
وانضمت إلى جُملة "منظمات الهيكل" منظمة جديدة تسمي نفسها "رابطة حكماء الغرب في أرض إسرائيل" وهي رابطة للحاخامات ذوي الأصول المغربية والأندلسية تأسست في 2022، ويسعون إلى توظيف ما يعدونه "إحياء التقاليد الدينية ليهود الأندلس والمغرب" كرافعة لاقتحام المسجد الأقصى وللدعوة إلى أداء الطقوس الدينية فيه باعتباره "جزءًا مركزيًا من تقاليدهم الدينية"، وسيكون اقتحامهم للأقصى يوم الأربعاء 10/8 وسيشمل أداء الطقوس الدينية بما في ذلك صلوات الصباح والمساء بحسب إعلانهم.
حملة لتوزيع رايات "الهيكل" على وحدات جيش الاحتلال
أطلقت منظمة "بيدينو" (جبل الهيكل في أيدينا) حملة لتوزيع رايات "الهيكل" على جنود الاحتلال في مختلف الوحدات القتالية.
وأطلقت هذه المنظمة حملتها تحت عنوان "راية مقدسة لكل جندي" تأكيدًا لرؤية الصهيونية الدينية و"منظمات الهيكل" للحرب المتواصلة كحرب حسمٍ على كل الجبهات، تنظر فيها إلى تهويد الأقصى كخطٍّ موازٍ للإبادة في غزة.
ووفق إعلان "بيدينو" فإن الحملة تأتي بالتعاون مع المجرم نيريا أُوفَن، أحد مستوطني مستوطنة "يتسهار" الذي كان يخدم في وحدة "دوفدوفان" كقناص عندما أراد شارون فرض خطة "الانسحاب الأحادي" في 2005، وتمرد على تنفيذ أوامر إخلاء المستوطنين من مستوطنة "عمونا" في الضفة الغربية ومن مستوطنات غزة، ودعا الجنود والضباط للتمرد على هذه الأوامر.
وقد أدى تمرد نيريا أُوفَن في حينه إلى تسريحه من الخدمة واعتقاله إداريًا، فزاد هذا من رمزيته وحضوره بين مستوطني تيار الصهيونية الدينية حتى أصبح أحد عناوين الحضور الأيديولوجي لهذا التيار في جيش الاحتلال، إذ باتت نسبة أفراده في الجيش اليوم أكبر من نسبتهم السكانية.
الشرطة في خدمة الاقتحامات
أعلنت شرطة الاحتلال إجراءاتها لتسهيل الاقتحامات في "عيد العرش" ببلاغ رسمي أعلنته "منظمات الهيكل" كالمعتاد.
وجددت الشرطة وصف المقتحمين بـ "الحجاج" وتعهدت بإدخال 200 مقتحم كل 10 دقائق، وبالسماح بوجود 1,200 مقتحم داخل المسجد الأقصى في وقت واحد ضمن إجراءاتها لتسهيل وحماية الاقتحامات.
ويقول الباحث زياد ابحيص إن وصف الشرطة المقتحمين بـ "الحجاج" يعكس محاولة منح مشروعية لحقّهم الديني المزعوم في المسجد الأقصى ولأدائهم الطقوس التوراتية فيه.
ويشير إلى أنّ الشرطة تعهدت بالسماح بإدخال فوجٍ من المقتحمين كل عشر دقائق، علمًا بأن شرطة الاحتلال كانت قد ضاعفت الحد الأقصى لعدد المقتحمين في الفوج الواحد إلى 200 مقتحم تحت إشراف وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في حزيران 2024.
ويبين أنّه إذا ما أخذ في الحسبان الوقت الرسمي المعلن للاقتحامات ما بين 7:00-11:30 قبل الظهر ثم 1:30-3:00 بعد الظهر فإن مدة الاقتحامات باتت 6 ساعات كاملة، ما يعني أن شرطة الاحتلال رفعت الطاقة الاستيعابية لإجراءاتها حتى سقف 7,200 مقتحم يومياً، وهو أكثر من ضعف الحد الأعلى المسجل فعليًا للمقتحمين في الأقصى البالغ 3,000 مستوطن.
ويلفت ابحيص إلى أنّ شرطة الاحتلال تعهدت بالسماح بوجود 6 أفواج من المقتحمين في الوقت عينه في المسجد الأقصى، وهو الرقم الذي كانت قد أعلنته لأول مرة في إجراءاتها لاقتحام الذكرى العبرية لاحتلال القدس في 2025/5/26، أي أنها في الحد الأعلى ستسمح بوجود 1,200 مقتحم داخل الأقصى في اللحظة الواحدة.
ويضيف أنّه أمام حصارها المستمر للمسجد، وإبعادها للمصلين والمرابطين وحراس المسجد والصحفيين، فإن عدد المصلين وموظفي الأوقاف لا يزيد عن 60 في الساعات الأولى للاقتحام، وهو ما يسمح بأن يكون عدد المقتحمين من اليهود 20 ضعف عدد المسلمين في الأقصى خلال تلك الساعات.
ويشير إلى أن هذه الإعلانات وتسليمها لقيادة "منظمات الهيكل" تأتي كجزء من حرص شرطة الاحتلال على فرض تقسيم المسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين بالقوة، وعلى تكريس "اتحاد منظمات الهيكل" باعتباره يمثل الإدارة اليهودية للأقصى في مقابل دائرة الأوقاف التي تحاول شرطة الاحتلال تهميش دورها ليصبح مجرد إدارة الحضور الإسلامي في المسجد، وليس إدارة المسجد بذاته.