تقاريرميدان

لماذا صعّد الاحتلال من وتيرة استهداف الأونروا بالتزامن مع العدوان على غزة؟

صادق "الكنيست"، يوم الخميس 2024/2/15، بقراءة تمهيدية على مشروع قانون يمنع وكالة الأونروا من العمل في القدس والداخل المحتل، وسيمرر الاقتراح إلى لجنة الخارجية والأمن من أجل متابعة بحث وإعداد اقتراح القانون.

لم تكن هذه الخطوة الأولى في سياق الاستهداف القديم-الجديد لوكالة الأونروا، ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة، لكنها جزء من خطوات استهداف الأونروا التي تصاعدت بالتزامن مع العدوان على غزة، حيث يحاول الاحتلال تسجيل "إنجازات" على غير مستوى.

قصف مراكز الأونروا في غزة وتجميد تمويل الوكالة

تعرضت مقرات الأونروا ومراكز النزوح التابعة لها، ومنها مركز الصناعة في خانيونس، للقصف من جيش الاحتلال، وتعرضت 65 مدرسة تابعة لها للتدمير الكلي والجزئي.

وتساوقًا مع مزاعم الاحتلال حول مشاركة عدد من موظفي الأونروا في عملية طوفان الأقصى في 2023/10/7، عمدت 18 دولة والاتحاد الأوروبي إلى تجميد تمويل الوكالة.

وشكلت التبرعات المقدمة من ثلاث دول أعلنت تجميد تمويلها، وهي الولايات المتحدة وألمانيا واليابان، ما يقرب نصف إجمالي المساهمات للوكالة في عام 2022، وفقًا للأونروا.

سلسلة من الاستهدافات لإخراج الأونروا من القدس

بموازاة استهداف الأونروا في غزة، شهدت القدس المحتلة حملة محمومة ضدّ الوكالة بهدف إنهاء عملها وإخراجها من المدينة المحتلة.

ففي 2024/2/12، قالت صحيفة جيروزاليم بوست إنّ وزير البناء والإسكان في حكومة الاحتلال يتسحاق جولدكنوبف طالب "سلطةَ أراضي إسرائيل" التابعة لمكتبه، بإنهاء جميع أنشطة التأجير أو الاتفاقيات القائمة مع وكالة الأونروا في القدس وفلسطين.

وأمرَ الوزير المتطرف الذي يترأس كتلة "يهودوت هتوراة"، بطرد الأونروا من الأراضي المؤجرة أو التي تستخدمها في فلسطين المحتلة، وأبرزها المقر الرئيس الواقع في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة.

وفي 2/8، قرر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش إلغاء الإعفاءات الضريبية لوكالة الأونروا.

وقال سموتريتش في منشور على منصة X: "لن تمنح إسرائيل أي مزايا ضريبية لمساعدي الإرهابيين" وفق زعمه، في إشارة لوكالة الأونروا.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إنّ "وزير المالية أمر بإلغاء المزايا الضريبية التي تتلقاها الأونروا من إسرائيل كوكالة تابعة للأمم المتحدة" مشيرة إلى أنّه "من بين أمور أخرى، كان يحقّ للأونروا الحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات على استيراد السلع المختلفة".

مستوطنون يتظاهرون ضد الأونروا في القدس

نظم متطرفون، بقيادة نائب رئيس بلدية الاحتلال في القدس أرييه كينج، وقفة أمام مقر وكالة الأونروا، في التلة الفرنسية بالقدس المحتلة، في 2024/2/14، للمطالبة بطرد الوكالة من القدس.

وطالب كينج وزير الخارجية في حكومة الاحتلال بعدم التجديد للأونروا، وقال إن "الكنيست" والحكومة يتشاركان في الموافقة على سماح للأونروا باستمرار عملها في القدس، ويمكن إلغاء الموافقة في حال قررا ذلك. وقال كينج إنه لا فرق بين العرب في غزة والعرب في القدس، أو بين الأونروا في غزة والأونروا في القدس.

وفي 2/5، تظاهر مستوطنون أمام مقر الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، للمطالبة بإغلاق مقرات الوكالة وطردها من القدس. وترأس التظاهرة المتطرف أرييه كينج، ونُصبت منصة وشاشة مضيئة كُتب عليها بالعبرية "القدس لن تكون غزة".

وطالب مستوطنون بإغلاق المدارس التابعة للأونروا في القدس المحتلة بدعوى "التحريض على الإرهاب". وطالب المتطرف ماور تسيماخ، رئيس منظمة "ليخ ليروشلايم"، وزير التربية والتعليم في حكومة الاحتلال بإغلاق تلك المدارس، وتعيين مديرين موالين للاحتلال فيها، واصفًا الإغلاق بالمهمة الوطنية.

وفي 2024/1/14، وجهت "دائرة أراضي إسرائيل" رسالة إلى الأونروا تطالبها إخلاء أحد عقاراتها في بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة، ودفع 17 مليون شيكل، بذريعة البناء من دون ترخيص.

سبق ذلك تحريض وطلب رسمي من قبل نائب رئيس بلدية الاحتلال أرييه كينج الذي ادعى أن الأرض المقام عليها العقار لا تتبع للأونروا وإنما للاحتلال، علمًا أنّ الأرض كانت مسجلة باسم الحكومة الأردنية قبل عام 1967.

ما وراء استهداف الأونروا؟

ليس استهداف الأونروا بالأمر الجديد في سياق محاولات إنهاء القضية الفلسطينية، لكن هذا الاستهداف والتحريض على الأونروا تصاعد بشكل لافت بالتزامن مع العدوان الهمجي على غزة.

ويلفت الباحث والكاتب محمد أبو ليلى إلى أن الاحتلال ينتهز عدوانه على غزة للقضاء على المقاومة وحاضنتها الشعبية من جهة، والقضاء على الأونروا وكل ما له صلة بها، من جهة أخرى. وقد لاحظنا كيف استهدف الاحتلال مراكز الأونروا ومدارسها في غزة، وتابعنا تصريحات صدرت عن مسؤولي الاحتلال، وعن رئيس حكومة الاحتلال تحديدًا الذي قال إنّ الأونروا لا يمكن أن تعود للعمل في غزة، وعلى المجتمع الدولي إيجاد جهة أخرى تتولى العمل داخل القطاع.

ويرى أبو ليلى أنّ تصعيد استهداف الأونروا يرتبط بجملة من الأسباب، أبرزها ما تمثله الأونروا من شاهد حيّ على نكبة شعب هجر من أرضه، ما يدفع الاحتلال إلى محاولة إنهاء هذا الشاهد الحي على المستوى الدولي والأممي.

أما السبب الثاني للاستهداف فيرتبط بما تملكه الأونروا من كنز معلوماتي، إذ لديها قاعدة بيانات حول اللاجئين الفلسطينيين، والاحتلال لا يريد لهذا التوثيق أن يستمر ، وهو ما دعمته الولايات المتحدة بشكل صريح في ولاية دونلاد ترامب، مع محاولة سنّ قانون لإعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني لتخفيض عدد اللاجئين من حوالي 7 ملايين لاجئ إلى بضعة آلاف، لتسهيل إقفال ملف اللجوء والعودة.

ويرتبط السبب الثالث، وفق أبو ليلى، بالخدمات التي تقدمها الأونروا، وهي خدمات تشمل المجالات الصحية، والإغاثية والاجتماعية، والتعليمية، ما يجعل إنهاء خدماتها ضربًا لأحد أهم عوامل صمود اللاجئ الفلسطيني في مناطق عمل الوكالة.

ويؤكد أبو ليلى خطورة هذا الاستهداف، بما يعنيه من تصفية لملف اللاجئين وحق العودة، مشددًا على ضرورة الوقوف في وجه هذه المحاولات ومنع الاحتلال من تحقيق ما يرسم له.

فريق التحرير

الأقصى بوصلتنا والقدس عنواننا، نعمل لنوصل صورة القدس من كل الزوايا
زر الذهاب إلى الأعلى