ستة وخمسون عامًا على إحراقه.. لم تُخمد النيران بعد!
ستة وخمسون عامًا مر اليوم على إحراق المسجد الأقصى المبارك، وما تزال النيران مشتعلة فيه ولم تخمد بعد! فهو يحرق كلما دنست ساحاته خطى غريبة، وحين تمنع المآذن من أن تعلي صوت "الله أكبر" فوق سمائه، وحين ترفع رايات على قبابه غير راية فلسطين!
يُحرق أيضًا حين تُسحل مرابطاته ويُضربن، ويحرم المرابطون من أن تلامس جباههم طهر أرضه ويُبعدون، وتغلق أبوابه بسلاسل من ظلم.. فلم ينقشع رماد الحريق منذ يومه الأول.. مادام المحتل على أعتابه يعربد!
في الذكرى السادسة والخمسين من حرق المسجد الأقصى المبارك على يد المتطرف الأسترالي "مايكل دينس روهان" حاورت منصة القدس 360 المقدسي ماهر الصوص للحديث عن الانتهاكات التي لم تتوقف منذ حرق الأقصى، والتي استمرت وتتزايد عامًا بعد عام.
وهو حريق مدبر للمصلى القبلي نفذه "روهان" بتاريخ 21 أغسطس قُبيل الساعة السابعة صباحًا، استهل "الصوص" حديثه: "هذا الحريق تسبب بخسائر فادحة حيث التهمت النيران المنبر التاريخي المعروف بمنبر صلاح الدين وقبته، والذي صنعه نور الدين محمود ليضعه في المسجد الأقصى بعد تحريره لكنه مات قبل ذلك، فوضعه صلاح الدين الأيوبي وأصبح رمزية للفتح والتحرير".
أكثر من خمسة عقود مرت منذ أن اشتعلت النيران في المسجد الأقصى، ولم تتوقف الانتهاكات لحظة واحدة، بل تبدلت أشكالها وتنوعت وجوهها، كالحرق والتدنيس وممارسة الرقصات المختلفة، عدا عن الاقتحامات اليومية، والحفريات تحت أساساته، والقيود المفروضة على وصول المصلين، خاصة في أوقات الذروة والمناسبات الدينية.. يقول "الصوص": "كل انتهاكات الاحتلال المتكررة في القدس والأقصى هدفها طمس هويته، وفرض واقع جديد عليه، وتهويد المدينة المقدسة وإلغاء عربيتها".
تصعيد متواصل تشهده مدينة القدس، تحدث "الصوص" بشكل تفصيلي عن انتهاكات الاحتلال فيها في الخمسين يومًا الأخيرة، يقول الصوص: "في بداية شهر تموز اقتحم عشرات المستعمرين المسجد الأقصى على شكل مجموعات، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوسا تلمودية، بحماية قوات الاحتلال".
وأضاف "الصوص": " نفذ مستوطنون أيضًا مسيرات استفزازية تخللتها رقصات وغناء في حي الواد قرب باب المجلس، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، وكان ذلك بالتزامن مع منع قوات الاحتلال لعدد كبير من المصلين الفلسطينيين لا سيما الشبان من دخول المسجد الأقصى، عدا عن إبعاد الفلسطينيين لستة شهور أو أكثر خاصة المرابطين والصحفيين لتفريغ المسجد الأقصى وساحاته من الوجود الفلسطيني وفرض السيطرة الإسرائيلية عليه، كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منتصف شهر تموز أحد حراس المسجد الأقصى المبارك "عرفات نجيب" بعد مداهمة منزله وتفتيشه والعبث بمحتوياته، بعد أن سلمته قرار إبعاد عن الأقصى لمدة ستة شهور".
"هذه الاقتحامات اليومية تأتي ضمن دعوات من جماعات "جبل الهيكل" المتطرفة، التي تدعو بشكل دوري إلى اقتحام الأقصى وتنفيذ طقوس تلمودية داخل باحاته، وذلك في محاولة لتغيير الواقع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى" يختتم "الصوص" حديثه.
لم تقتصر الانتهاكات منذ حريق المسجد الأقصى المبارك على القدس والمقدسيين، وحين اقتحم الشباب المحب للقدس والأقصى الحدود إليه يوم السابع من أكتوبر حاملين في قلوبهم شوق تحريره، وفتح أبوابه لأمة الإسلام، قتلوا وأسروا، ودفعت غزة كلها ضريبة باهظة وأبيد شعبها بالقتل والتجويع والحصار والإبادة!
ورغم عربدة الاحتلال في ساحات الأقصى وإبادته لغزة التي قال رجالها ونساؤها وأطفالها "القدس لنا" إلا أن غزة ستنتصر يومًا ما، وسينقشع رماد الحريق الذي ما يزال عالقًا في كل حجر قدسي، وستنطفئ نيران الأقصى، وتصبح نورًا تزهر في سجود المصلين بساحاته!