"سأحارب بكل قوتي خطر إقامة دولة فلسطينية؛ من أجل دولة إسرائيل ومواطنيها سأواصل عبر صلاحياتي تطوير الاستيطان في الضفة". بهذا علّق وزير المال في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش على تقرير صحيفة نيويورك تايمز الذي قال إنّ لدى الوزير سموتريتش خطة سرية للسيطرة على الضفة الغربية.
وكتب سموتريتش على حسابه على منصة X : "الجمهور الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة يدرك جيدًا أن إقامة دولة فلسطينية بالضفة من شأنه تعريض وجودنا للخطر".
وأضاف: "لا أقوم بشيء سرّي، وسأستمر في تطوير الاستيطان".
خطة للسيطرة على الضفة
قال تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، في 2024/6/23، إن وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وإجهاض أي محاولة لأن تكون جزءًا من الدولة الفلسطينية.
واستمع مراسلو الصحيفة إلى تسجيل صوتي مدته نصف ساعة تقريبًا للخطاب الذي قدمه أحد الحاضرين، وهو باحث من منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية.
وخلال لقاء مع مجموعة من المستوطنين في 2024/6/9 قال سموتريتش إن "حكومة بنيامين نتنياهو منخرطة في خطّة سرية لتغيير الطريقة التي تحكم بها الضفة الغربية، لتعزيز سيطرة إسرائيل عليها بشكل لا رجعة فيه، من دون اتهامها بضمّها رسميًا".
والهدف من الخطة، وفق سموتريتش، منع الضفة الغربية من أن تصبح جزءًا من الدولة الفلسطينية.
ويظهر التسجيل الصوتي أن سموتريتش وضع خطة واضحة لانتزاع السيطرة على الضفة الغربية بالتدريج من أيدي جيش الاحتلال وتسليمها إلى موظفين مدنيين (مستوطنين) يعملون تحت إمرته في وزارة الجيش، وتم بالفعل نقل بعض السلطات إلى المدنيين، وفق تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وأضاف: "أنشأنا نظامًا مدنيًا منفصلاً، لكن الحكومة سمحت في الوقت ذاته لوزارة الجيش بأن تظل منخرطة في العملية حتى يبدو للعالم أن الجيش لا يزال في قلب الحكم في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة سيكون من السهل ابتلاع الضفة من دون أن يتهمنا أحد بأننا نقوم بضمّها".
الغارديان: نقل صلاحيات من الجيش إلى موظفين مدنيين مؤيدين للاستيطان
قالت صحيفة الغارديان البريطانية، في 6/20، إن جيش الاحتلال نقل صلاحيات قانونية كبيرة في الضفة الغربية المحتلة إلى موظفين مدنيين مؤيدين للمستوطنين يعملون لدى الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
وقالت الصحيفة إن أمرًا نشره جيش الاحتلال على موقعه الإلكتروني في 29 أيار/مايو ينقل المسؤولية عن عشرات اللوائح في الإدارة المدنية (الهيئة الإسرائيلية التي تحكم في الضفة الغربية) من الجيش إلى مسؤولين بقيادة سموتريتش في وزارة الجيش.
وأضافت أنّ سموتريتش وحلفاءه طالما رأوا في السيطرة على الإدارة المدنية، أو أجزاء كبيرة منها، وسيلة لبسط السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية. وهدفهم النهائي هو السيطرة المباشرة من قبل الحكومة المركزية ووزاراتها؛ وبيّنت أنّ هذا النقل يقلل من احتمال فرض ضوابط قانونية على توسيع المستوطنات وتطويرها.
ووفق الصحيفة، تعدّ هذه الخطوة أحدث انقلاب لسموتريتش، الذي أصبح وزيرًا للمالية ووزيرًا في وزارة الجيش بعد اتفاق ائتلافي بين حزبه السياسي اليميني المتطرف وحزب الليكود بزعامة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
الاتحاد الأوروبي: "إسرائيل" لديها نية واضحة لضمّ الضفة الغربية
حذر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، في 2024/6/24، من أن "إسرائيل لديها إرادة واضحة لضمّ الضفة الغربية تدريجيًا".
وقال بوريل في مؤتمر صحفي، عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ: "يبدو أن ثمّة إرادة إسرائيلية واضحة لضم الضفة الغربية شيئًا فشيئًا، وهذا الأمر لن يؤدي إلى السلام".
الإبادة في غزة تمهيد لتصفية المشروع الفلسطيني في الضفة
المعارضة العلنية التي يبديها الوزير المتطرف سموتريتش للتخلي عن السيطرة على الضفة الغربية تقابلها مزاعم حكومة الاحتلال أنّ وضع الضفة لا يزال مفتوحًا للمفاوضات. ويبدو أن الواقع على الأرض يؤكد تصريحات سموتريتش ولا يدعم مزاعم الحكومة التي تعمل على تثبيت الوقائع على الأرض عبر تعزيز الاستيطان وتوسيع المستوطنات في الضفة.
ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في العلاقات الدولية حسام مطر إنّ حكومة بنيامين نتنياهو تريد التستّر بعمليّة السابع من أكتوبر لارتكاب إبادةٍ جماعية تتيح تصفية المشروع الوطني الفلسطيني، وعلى الرغم من أنّ قطاع غزة هو مركز القتال، إلا أنّ الضفّة الغربية هي "الجائزة الكبرى".
ويضيف مطر في مقال تابعه موقع مدينة القدس، إن نتنياهو حاول في السنوات الأخيرة تسريع عمليات الضمّ في الضفّة. وشمل ذلك الاستفادة القصوى مِن وجود ترامب في البيت الأبيض لنيل اعترافٍ أميركي بالقدس عاصمةً لدولة الاحتلال، وضمّ أجزاء من الضفة وتقويض فكرة الدولة الفلسطينية، ثمّ شرع نتنياهو وحلفاؤه في تسريع عمليات التهويد في القدس وفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، ومحاولة قطع الضفّة الغربية إلى شماليةٍ وجنوبيةٍ عند الخان الأحمر، ثم مع الحكومة الحالية تمّ فرض سلطةٍ مدنيّة للاحتلال على الضفّة. ومنذ السابع من أكتوبر تجري عملياتٌ ممنهجة للتهجير والاستيلاء على الأراضي وتقطيع الأوصال وفرض وقائع غير قابلة للتراجع عنها.
ويشير مطر إلى أنّ نتنياهو يطمح لاستثمار الحرب في غزة ونتائجها في المقام الأوّل داخل الضفّة قبل أيّ جبهةٍ أخرى. فمن خلال "الانتصار المطلق" المأمول، يريد نتنياهو تحطيم الأمل لدى الفلسطييين في المقاومة والدولة، وحرمان الضفّة مِن جبهة المساندة الغزّاوية، وتخصيصَ جهدٍ أمني وعسكري أكبر للضفّة لتصفية حالة المقاومة فيها، والاستمرار في فرض قيودٍ اقتصادية شديدة والتنكيل بالسكّان وتكثيف عمليات الاستيطان والطرد بما قد يحفّز موجات هجرةٍ فلسطينية، مِن ناحية، وينهي المطلب الفلسطيني بدولة وفق حدود 67 ويثبّت مقولة وجود إدارةٍ محلية فلسطينية في بلداتٍ ومدن معزولة باعتباره الحل النهائي، من ناحية ثانية.
ويشدّد على أنّ مصير الضفّة يتقرّر في غزّة الآن، إذ إنّ خيار حكومة نتنياهو هو الإبادة في غزّة ثمّ تصفية المشروع الفلسطيني في الضفّة.